جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
118325 مشاهدة
أسباب قوة الإيمان

...............................................................................


كيف يقوى الإيمان ما أسباب قوة هذا الإيمان؟ إن أسبابه النظر في آيات الله.
فأولا: التفكر في آيات الله تعالى وفي مخلوقاته العلوية والسفلية؛ لا شك أنها دليل واضح على كمال عظمة الله وجلاله وكبريائه، إذا تأملت في مخلوقات الله، وتأملت في آياته الكونية -العلوية والسفلية- تبين لك أن الذي خلقها قادر على كل شيء، بل لو تأمل الإنسان في نفسه لرأى في خلقه أعجب العجب، وعرف أن الله ما خلق جزءا من أجزائه عبثا، وأن كل شعرة أو كل أنملة في موضعها، وأنها من أعجب صنع الله تعالى.
ثانيا: النظر في كلامه سبحانه يعني هذا القرآن تأمله، والتفكر فيه وما فيه من القصص فإنه مما يقوي الإيمان ويرسخه في القلوب؛ لأنه كلام الله تعالى سيما إذا قُرِئَتِ التفاسير التي تمسك أهلها بالتفسير الصحيح وبالمعاني الصحيحة، وتجنب تفاسير المحرفين والمخرفين.
ثالثا: كثرة قراءة العلم النافع المتلقى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن صحابته وعن علماء الأمة وسلفها، فإن قراءة ذلك والتعلم له مما يقوَى به الإيمان، ويرسخ في النفوس، وهذا من الأمور الظاهرة الجلية.
رابعا: كثرة الأعمال الصالحة فإنها مما تقوي الإيمان، إذا أكثر الإنسان من ذكر ربه ومن عبادته ومن دعائه، وأكثر من العبادات البدنية كالصلاة والصيام والصدقات وما أشبهها قوي بذلك إيمانه، وزاد يقينه.
كذلك أيضا من الأسباب أسباب قوة الإيمان البعد عن المحرمات، حماية النفس عن المحرمات صغيرها وكبيرها عن صغائر الذنوب وكبائرها، حفظ النفس وحفظ البدن والجوارح عن أية ذنب مما نهى الله تعالى عنه؛ وذلك لأن ربنا سبحانه ما حرمها إلا لأنها تضعف الإيمان، وتقلل من شأنه، فإن عقيدتنا أن الإيمان ينقص بالمعاصي ويزيد بالحسنات، فإذا عمل الإنسان عملا صالحا قوي إيمانه، وإذا عمل سيئا ضعف إيمانه، فعليك أن تحرص على هذه الأشياء التي يقوى بها إيمانك، ويزداد بها يقينك، ثم تختبر نفسك، فإن لقوة الإيمان علامات ظاهرة وهي: التمسك بالدين، والعض عليه بالنواجذ، والاستمرار عليه في هذه الحياة، والتمسك بالسنة النبوية إلى الممات، متى كان كذلك فإنه ممن كمل إيمانه؛ من ذلك: الإيمان بما أخبر الله تعالى به، فإنه أخبر بملائكته الذين خلقهم لعبادته، فإذا آمن العبد بأن الله خلق الملائكة ومن سمى منهم سمى مالكا خازن النار ، وسمى جبريل و ميكائيل و ميكال في القرآن، فيؤمن العبد بأن الله تعالى خلق الملائكة، وأنهم كما وصفهم الله في قوله تعالى: وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ هناك من الفلاسفة من أنكروا وجود الملائكة، وذلك لأنهم لا يصدقون إلا بالأشياء المحسوسة التي يدركونها بأعينهم، أو يمسونها بأيديهم، فلما لم يمسوها قالوا: ليس هناك من يسمى ملائكة، أو ادعوا أن الملائكة هي الأرواح أرواح نوع الإنسان بعدما تخرج، وكل ذلك تكذيب بما أخبر الله.
أما المؤمن فإنه يجزم بما أخبر الله تعالى به، ويكون ذلك دليلا على قوة إيمانه. والآن نواصل القراءة.